كيف يحصي المسلم أسماء الله الحسنى (1)
ورد في الحديث الترغيب بإحصاء أسماء الله الحسنى ، فقد وعد من أحصاها بدخول الجنة .
واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحصاها " .
قال الخطابي يحتمل وجوها ً :
أحدها : أن يعدّها حتى يستوفيها بمعنى أن لا يقتصر على بعضها فيدعو الله بها كلها ، ويثني عليه بجميعها ، فيستوجب الموعود عليها من الثواب .وهذا الوجه هو الذي اختاره البخاري ، فقد فسّر الإحصاء بالحفظ ، وذلك لورود رواية أخرى فيها " من حفظها " .
ثانيها : المراد بالإحصاء الإطاقة ، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها ، وهو أن يعتبر معانيها ، فيلزم نفسه بموجبها ، فإذا قال : " الرزّاق " وثق بالرزق ، وكذا سائر الأسماء .
ثالثهما : المراد بها الإحاطة بجميع معانيها .
وقيل : أحصاها عمل بها ، فإذا قال : " الحكيم " سلم لجميع أوامره وأقداره ، وأنها جميعها على مقتضى الحكمة .
وقال ابن بطال : طريق العمل بها :
1- ما يسوغ الاقتداء به كالرحيم والكريم ، فيمرن العبد نفسه على أن يصح له الاتصاف بها ، يعني فيما يقوم به .
2- وما كان يختص به نفسه كالجبار والعظيم ، فعلى العبد الإقرار بها ، والخضوع لها ، وعدم التحلي بصفة منها .
3- وما كان فيها معنى الوعد يقف فيه عند الطمع والرغبة .
4- وما كان فيها معنى الوعيد يقف منه عند الخشية والرهبة .
والظاهر أنّ معنى إحصائها حفظها ، والقيام بعبوديتها كما أنّ القرآن لا ينفع حفظ ألفاظه من لا يعمل به ، بل جاء في صفة المرَّاق من الدّين أنّهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم . (2)
----------------------------
(1) راجع في هذا الموضوع : معارج القبول : 1/84 . وما بعدها .
(2) يقول أ . د . عمر الأشقر : تبين لنا بعد أن توسعنا في دارسة هذا الموضوع في كتابنا ( أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة ) أن القول الراجح في معنى ( أحصاها ) : حفظها .